حركية غير مسبوقة وآفاق واعدة للتعاون المغربي- الموريتاني

ولرجال العلم والثقافة والتكوين والتأطير نصيبهم في إثراء هذه العلاقات وتوسيع نسيجها وتنويعه، اعتبارا لمجموعة من الاتفاقيات والبرامج التكوينية التي تم التوقيع عليها منها تلك الموقعة بين المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط والمدارس العليا الموريتانية وجامعة العلوم والتكنولوجيا والطب بنواكشوط، ودار الحديث الحسنية بالرباط وجامعة العلوم الإسلامية بمدينة لعيون الموريتانية، وجامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة شنقيط العصرية، تضاف إليها اتفاقيات شراكة بين جامعات وأندية رياضية مغربية ونظيرتها من موريتانيا.

ويظل  التعاون في مجال التعليم العالي، نموذجا حيا ومرآة ساطعة للعلاقات بين البلدين، إذ بفضله تمكن عدد كبير من الطلبة الموريتانيين على مدى أكثر من ثلاثين سنة من متابعة دراساتهم العليا بمختلف التخصصات في الجامعات والمعاهد العليا المغربية والاستفادة من منح دراسية مغربية، فيما يستفيد عشرات الطلبة والأطر من برامج التكوين والتكوين المستمر بالمغرب في عدة تخصصات منها الكهرباء والبناء وميكانيك السيارات والمكننة الفلاحية والهندسة المدنية والصيانة الفلاحية الغذائية وتدبير المقاولات والفندقة والمسح الطبوغرافي والمعلوميات وغيرها. ويشمل التعاون القطاعي أيضا ميدان الاتصالات الذي يفتح آفاقا أرحب في ما يخص مستقبل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إذ تعد شركة الاتصالات الموريتانية – المغربية “موريتل ” رائدة في مجالها بتوفرها على أكبر شبكة للهاتف الجوال في موريتانيا تغطي تقريبا مجمل التراب الموريتاني ?وتمكن ما يربو عن 90 بالمائة من الساكنة من النفاذ للخدمات الأكثر تطورا سواء بالنسبة للهاتف الجوال أو القار أو الأنترنيت.

وعلى مستوى المؤسسات المالية عزز التجاري بنك الوفاء تواجده بموريتانيا حيث بات من أهم البنوك على الساحة المالية بارتفاع عدد زبنائه يوما عن يوم ( حوالي 8000 حاليا) وهو يراهن على توسيع شبكته في سنة 2015 إلى 20 وكالة في عدد من المدن الموريتانية والمساهمة بصورة فعالة وملموسة في التنمية الاقتصادية لموريتانيا.

وتجسيدا لوشائج الأخوة التي تربط بين شعبي البلدين، زارت بعثات طبية مغربية موريتانيا لتقديم المساعدات الطبية الإنسانية لفائدة المرضى من المعوزين وذوي الوضعيات الاستعجالية، لاسيما في اختصاصات أمراض القلب والشرايين، كما شكلت زيارات الأطباء المغاربة فرصة لتكوين عدد من الأطر الطبية الموريتانية والاستفادة من الخبرات الطبية المغربية في هذا المجال.

وفي هذا السياق، قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، في إطار احتفالات الشعب الموريتاني بالذكرى 54 للاستقلال ، بتدشين وحدة للطب النووي بالمركز الوطني للأنكولوجيا بنواكشوط أنجزت من قبل الشركة المغربية( تقنيات -علم-صحة )التي قامت قبل أربع سنوات ببناء وتجهيز المركز، الذي أصبح يستقبل المرضى المصابين بداء السرطان من موريتانيا وبعض البلدان المجاورة بمعدل يتراوح ما بين 40 و 50 مريضا في اليوم.

وتميزت سنة 2014 بحصاد ثقافي غني ومتنوع? إذ نظم المركز الثقافي المغربي بنواكشوط عددا كبيرا من الأنشطة الثقافية والعلمية والفنية? كما شارك في الكثير من الأنشطة التي أقامتها مؤسسات وجمعيات ثقافية بالعاصمة الموريتانية.

وظل المركز? الذي يعد أول مؤسسة ثقافية مغربية في الخارج (1987)، كما في السنين الماضية جسرا للتواصل الثقافي والحضاري بين الشعبين المغربي والموريتاني? اعتبارا لمساهمته الوازنة في تنشيط الحركة الثقافية المحلية وانفتاحه عليها والتواصل مع كافة الفاعلين فيها من خلال تنظيمه لندوات ومحاضرات ومعارض للفنون تشكيلية وورشات، وترجمة للشعر الحساني إلى اللغة الفرنسية وتدريبات مسرحية وعروض سينمائية.

ويتقاسم الجانبان المغربي والموريتاني القناعة بأن الوضعية الراهنة للتعاون الثنائي لا ترقى إلى مستوى طموحات الشعبين ولا تعكس الإمكانيات والقدرات المتاحة، لذلك يتطلع المسؤولون بالبلدين إلى أن تشكل الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المزمع انعقادها في الشهور المقبلة بالرباط خارطة طريق لتفعيل وتطوير العلاقات الثنائية ومنعطفا في مسار تعاونهما المشترك.